فوزي السعداوي*
الكثير من الافراد يكررون ذات الأخطاء التي وقعوا بها مرات ومرات دون أن يستفادوا من التجارب التي مروا بها وهو أمر شائع في مجتمعاتنا, لكن الامر يختلف عندما يتعلق بالشعوب التي يفترض انها تملك ذاكرة جماعية ومؤسسات تعنى بدراسة الماضي وتجاربه وتفادي الوقوع في نفس الاخطاء لكن مع ذلك فإن بعضها تكرر الأخطاء وأحيانا الكوارث دون أي اعتبار لما مر بها من تجارب وواحدة من هذه الشعوب شعبنا العراقي ويعود ذلك إلى عدم وجود المؤسسات التي تعنى بتذكير المجتمع باخطاءه أو ضعف دورها وعدم وجود الذاكرة الجماعية..إن الدافع لطرحي هذا الموضوع هو مايجري حاليا في العراق من تكرار لأخطاء قد تنتج كوارث سبق أن مارسها النظام السابق وحظيت برفض شعبي واسع بل وأحيانا بسخرية مريرة…لقد شكل صدام جيش القدس بهدف تحرير فلسطين في وقت كان معظم العراقيين ينوؤون تحت الحصار محرومون من كل ملذات الحياة التي اختصرت بمحاولة الحصول على لقمة العيش في حين كان صدام يبحث عن قطعة أرض ملاصقة لإسرائيل كي ينطلق منها لتحرير فلسطين كما ادعى ويمنح الاموال يمينا وشمالا لكل من يتناغم مع طروحاته من العرب والاجانب.
لقد كان التخلص من صدام وحكمه حلما تحقق بكلف كبيرة انتظره العراقيون كي يعيشوا كبقية الشعوب ويلحقوا مافاتهم بل وصل الأمر بشريحة واسعة أنها لم تعد تطيق الحديث عن الوطنية والقومية وترى أن العراق ضحى بمايكفي لينشغل الآن بهمومه ورفاهيته,وكان تصور الكثيرين ونحن منهم أن العراق سيوجه كل طاقاته لبناء البلد وتعويض مافاته تاسيا بأمم أخرى نهضت بعد الحروب لتبني بلدانها وتتجنب الحروب مااستطاعت لكننا الآن ندرك أن العراقيين سيكررون الأخطاء المرة تلو الأخرى وسيجد لهم الكهان أسبابا لكوارثهم القادمة فثمة فروق جوهرية بيننا والشعوب المتحضرة التي هي غير خاضعة لهيمنة الفكر الديني ولا لسلطة رجاله المعممين وغير المعممين..لقد غابت ألمانيا عن الوعي تحت حكم هتلر والنازيه لكن بمجرد زوالهما ووسط الخراب أدرك الألمان الدرس بعيدا عن اي تاويلات غيبية يمكن أن تنسب ماجرى لقوى غيبية بخلاف شعبنا الغارق في الغيبيات والمسلم أموره إلى أدعياء الدين وتجاره وألفاقد لذاكرته بارادته ورضاه..
*كاتب ومعلق سياسي والمقال من صفحته على الفيسبوك.
LEAVE A COMMENT