د.صبحي ناظم توفيق*
سألوني عن تأثيرات الضربات التي استهدفت أضخم المنشات النفطية في المملكة السعودية فجر ١٤/أيلول الجاري فأجبت:-
▪لست في سبيل مديح طرف أو قدح آخر، بل ينبغي أن أكون صادقا وبعيدا عن المشاعر والأحاسيس بالصفة التي أحملها خبيرا استراتيجيا أحلل الأمور بتجرد.
▪كانت الضربة غاية في الذكاء سواء بانتقاء الهدف، أوالاتقان في التخطيط، ودقة التنفيذ، حيث أصابت المقذوفات (١٩) نقطة حساسة ومؤثرة على عمل تلك المنشات البترولية الضخمة.
▪لا يعقل أن الحوثيين الذين أعلنوا مسؤوليتهم قد عملوا ذلك بامكاناتهم المتواضعة، ولا بد أن دولة كبرى أو عظمى بامكانات ضخمة كانت وراءها.
▪ المسافة الفاصلة بين صنعاء والدمام حوالي ١٤٠٠ كلم، ولا يعقل أن تقطعها طائرة مسيرة (درونز) بوقود سائل، الا اذا حُوّرت لتعمل بوقود صلب.
▪ الطائرات المسيرة تحلق عادة بارتفاعات متوسطة أو عالية كي تتم السيطرة عليها وتوجيهها نحو الهدف، وبذلك لا يعقل أن تقطع هكذا مسافة في سماء السعودية من دون أن ترصد.
▪ لذلك فإن الاحتمال المنطقي هو أن الأجسام الطائرة التي ضربت هي من طراز “كروز” التي تحلق بارتفاعات دون ٦٠ متراً عن مستوى الأرض، حيث لا ترصدها الرادارات.
▪ايران ولربما بتعاون روسي وكوري شمالي استطاعت تطوير مقذوفات “كروز” وأعلنت عن ذلك مراراً، وكنا نتصور أن الاعلان لأغراض اعلامية… ولكننا اليوم نصدق بذلك.
▪وقد يكون من يزعمون انطلاق هذه المقذوفات من أقاصي جنوبي العراق صادقين، كون العراق اليوم لايملك كامل السيطرة على أراضيه وسمائه ومياهه ويجهل مسؤولوه غالباً مجريات الأمور على هذا المستوى، كما إنه لاسباب عدة لايمكنه منع من يقدم على هذه الأعمال.
▪على أية حال فان المملكة السعودية أصابها الخزي والعار على المستوى الستراتيجي، وتحولت الى موقف دفاعي مخزٍ، وأن دفاعاتها لمقاومة الأجسام الطائرة قد تدنى أداؤها الى مستوى أقرب من الصفر، وأن راداراتها لم تؤد أيا مما مطلوب منها، وكذلك ممتلكاتها من طائرات (AWACS)، ناهيك عن مقاوماتها الأرضية وبالأخص “باتريوت” وطائراتها المقاتلة المقتدرة التي تعد من أفضل الطرز في عموم العالم، والتي لم تتمكن من التصدي لمقذوفات تعتبر ضعيفة أمام قدراتها العملاقة المفترضة.
▪أن عدم اعلان السعودية عن الطرف المتهم بالضربة يعد اخفاقا عظيما يضاف الى اخفاقاتها المتسلسلة… فان هي حددت طرفا فعليها اتخاذ اجراءات ميدانية، وهي ليست عازمة عليها، أو تخطو خطوات دبلوماسية ضده لا تغني ولا تسمن ان لم تكن لدى “الرياض” دلائل قاطعة… لذا فان السكوت وتجرع مرارة الموقف بصمت أفضل وأنجع.
▪وأقولها من صميمي أعماقي، أني لو كنت واحدا من أصحاب المعالي وزيرا للدفاع أو رئيسا لأركان الجيش أو قائدا للقوة الجوية أو قائدا للدفاع الجوي لدى المملكة السعودية لأطلقت رصاصة على جبيني أمام أنظار الملك سلمان أو ولي عهده… أو على الأقل تركت منصبي حفاظا على شرف كرسي الحكم، فضلا عن شرفي الشخصي.
▪أن الولايات المتحدة الأمريكية برهنت أمام العالم أنها لا تلتزم بحلفائها ولا تدافع عنهم ولا يهمها أمن الخليج ومضيق هرمز وسواه في أحلك الظروف، وينبغي أن لا يعول عليها أحد.
▪أن “ايران” سواء ان كانت هي التي قامت بهذا العمل، أو كانت وراءه عن طريق أذرعها قد برهنت اقتدارها ومستوى تطوير أسلحتها بحيث أصبحت يحسب لها ألف حساب بصفتها دولة كبرى تتحدى الغرب.
▪وأظن كذلك أن عدم اقدام “واشنطن ولندن والرياض” على اتخاذ أي موقف فعال ورادع حيال “طهران” في جميع الأعمال المستفزة تجاهها دليل على تخوفهم جميعا من اقدام “طهران” على خطوات أقوى وأعظم وأبلغ تأثيرا على مجريات استراتيحية المنطقة من ذوات التأثير على العالم.
*باحث وخبير عسكري
١٧/أيلول 2019
LEAVE A COMMENT