لا احد، على حد علمي على الاقل، منذ تأسيس الدولة العراقية الى اليوم يقيم مسؤول اول في الدولة العراقية ملكية ام جمهورية مائدة إفطار يستضيف فيها عمال النظافة في بلاده كما فعل الرئيس الحالي لمجلس الوزراء محمد شياع السوداني. مبادرة لا أجمل منها ولا انظف. فهؤلاء العمال الكسبة البسطاء الذين يتولون جمع قمامتنا ” زبالتنا” التي تكلف ميزانية الدولة ٥ مليارات دولار شهريا لا احد يهتم بهم. لا احد يعترف بهم. لا احد يهتم بهم. حتى حين يطلق سائق المركبة الطويلة من أقصى الشارع او الزقاق حتى نحضر أكياس القمامة ووضعها امام المنزل ” نتعاجز” عن القيام بهذه المهمة. بل ان الكثيرين من أرباب البيوت ورباتها لا يتنازلون ويخرجون الى هؤلاء الصبية لكي يضعوا في ايديهم مبلغا بسيطا صار شبه واقع حال بسبب ان الرواتب التي يتقاضونها من البلديات كما انها لا تسد الرمق. وحتى بافتراض ان تحسين واقع حالهم من مسؤولية الدولية وهذه مسألة اتمنى على السوداني ان ينظر تليها بروح الابوة. مع ذلك اقول ان اي مبلغ ندفعه لهم نحن أرباب البيوت لا تعادل انسانيا ما يقومون به من عمل. لو كل واحد من ” الفايخين” نظر الى الامر من زاوية اخرى وفكر لو ان احد ابنائه يقوم بهذا العمل الذي لا يقوم به الا من هو محتاج أقصى درجات الاحتياج كيف يمكن ان ينظر إلى المسألة. من جهتي انظر إلى مبادرة السوداني في جمع عمال النظافة على مائدة الإفطار من زاويتين رسمية بوصفه المسؤول التنفيذي الأول بالدولة الذي ينظر إلى العراقيين وزيرهم وعامل نظافتهم نظرة على قدم المساواة. وأعتقد أن هذه بحد ذاتها رسالة بليغة. والثانية انسانية بحيث يشعر عامل النظافة ان ما يقوم به من عمل ليس هامشيا او رثا بل انه محل احترام وتقدير عالي من قبل الحاكم المسؤول رئيس الوزراء الذي يتفقد الناس بصرف النظر عن اية خلفية اجتماعية او سياسية او طبقية. ماذا لو بادر باقي المسؤولين في الدولة وفي زعامات الكتل والقوى السياسية والاحزاب الى مبادرات من هذا الطراز بدلا من إقامة ولائم لمن هم متخومون من شتى انواع الولائم. السيد محمد شياع السوداني أحييك على هذه المبادرة الحلوة.
حمزة مصطفى