اهتزت ليل الاثنين – الثلاثاء مدينة بعقوبة، العاصمة المحلية لديالى، (80 كيلومترا) شرق بغداد، على وقع خبر مقتل 8 عراقيين بينهم نساء وأطفال، وإصابة اثنين آخرين من عائلة واحدة، عندما استهدف مسلحون بهجوم مزدوج منزلا وسيارة تستقلها عائلة من أقرباء زعيم قبلي بارز في مدينة المقدادية شرقي المحافظة.
ويأتي الهجوم الجديد بعد سلسلة من الأحداث الدامية التي شهدتها المحافظة خلال الشهر الماضي، من بينها مقتل وإصابة 17 مدنيا بهجمات نفذتها ميليشيات مسلحة على قرية الجيايلة شرقي ديالى، أعقبتها عمليات اغتيال طالت طبيبا بارزا وضابطا بالجيش العراقي السابق.
وعلى وقع هذا الحادث، ومن منطلق المسؤولية الوطنية والأخلاقية زار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم الأربعاء، محافظة ديالى لعقد اجتماعات مع الحكومة المحلية والقيادات الأمنية والعسكرية في المحافظة، إضافة إلى شيوخ العشائر.
وفي ديالى، ترأس رئيس مجلس الوزراء، القائد العام للقوات المسلّحة محمد شياع السوداني، اجتماعاً أمنياً للقيادات الأمنية في محافظة ديالى، التي وصلها ظهر اليوم الأربعاء، على رأس وفد عسكري وخدمي حكومي.
واستمع إلى إيجاز عن أحوال المحافظة وجهود القوات الأمنية لبسط الأمن والاستقرار في عموم أقضيتها ونواحيها. وشهد الاجتماع مناقشة الخروقات الأمنية المتكررة التي يشهدها عدد من مناطق المحافظة، وآليات معالجتها.
وقد وجه القائد العام للقوات المسلحة بإرسال تعزيزات عسكرية وأمنية إلى محافظة ديالى، كما أمهل القادة الأمنيين أسبوعين لبسط القانون في جميع مناطق المحافظة.
وأكد أن الملف الأمني في عموم العراق يحظى باهتمام بالغ من قبل الحكومة، باعتباره أساساً للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، مشدداً على رفضه النهايات السائبة في الملف الأمني، وأن تأخذ السياقات القانونية مجراها مع المتورطين بتعكير صفو الأمن ومرتكبي الجرائم في ديالى.
وبين السوداني أن البعض لا يروق له توجه الحكومة نحو تفعيل النشاط الاقتصادي، ويحاول إشغالها في تفاصيل أخرى بعيدة عن ذلك، مشدداً على مضي الحكومة لتنفيذ برنامجها في الاقتصاد والتنمية، ولا يوجد لديها خطوط حمراء إزاء تعزيز الأمن وإنفاذ القانون”.
إن زيارة السوداني، الى ديالى، كانت مهمة جدا من أجل احتواء التوتر الذي تشهده محافظة ديالى، والوقوف على التحديات واصدار سلسلة قرارات تسهم في تعزيز استقرارها.
هذه الأحداث المؤسفة، جاءت في الوقت الذي يسعى فيه، رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني في إعادة دمج العراق مع بيئة العربية والإقليمية والدولية سياسيا واقتصاديًا، سياسيًا من خلال إعادة تطوير علاقة العراق مع محيطه الإقليمي والعربي بشكل خاص.
فالسوداني يحسب له سياسيًا، بأن حكومته تعيش أوضاعا مستقرة، ولم تعد خاضعة لتجاذبات كبيرة من جانب أطراف سياسية متصارعة، ما يجعلها قادرة على تنفيذ المؤجل والمعطل من المشاريع المشتركة، خاصة وأن العوائد المنتظرة منها تخدم جميع الأطراف، ولا تقتصر على تقديم الخدمات مقابل المال. وفي مسعى إلى إثبات الانفتاح الخارجي، كان رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، شارك العراق في القمة العربية الصينية التي عقدت في السعودية.
ومع حكومة السوداني، شهدت بغداد – ولاتزال- حركة دبلوماسية لافتة خلال الأسابيع الأخيرة، ويعد أوستن أكبر مسؤول في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن يزور العراق. وأوضح أوستن للصحافيين بعد لقائه رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني أن القوات الأميركية التي تعمل ضمن التحالف الدولي ضد الارهابين ستبقى في العراق بطلب من الحكومة العراقية.
اقتصاديًا، تبنى السوداني انفتاح بالعلاقات السياسية ببعد اقتصادي واستثماري لجذب المستثمرين للبلاد وتحريك عجلة الاقتصاد العراقي نحو الأمام. لذلك اتجه السوداني إلى تنويع مصادر “شراكاته الاقتصادية” التى بدأها بمؤتمر بغداد-2 فى الأردن ( 20 ديسمبر2022) وبدعم قوى من الرئيس الفرنسى ماكرون، وأتبعها بزيارة رسمية إلى فرنسا فى 26 يناير 2022، بدعوة رسمية أيضاً من الرئيس الفرنسى عنوانها الرئيسى “الاقتصاد والاستثمار وتعزيز الشراكات الأمنية”.
ومن أجل تحقبق تلك الشراكات الاقتصادية، وقعت حكومة السوداني، على ثلاثة عقود مع شركة “سيمنز” الألمانية لتأهيل ثلاث محطات للطاقة الكهربائية. كما وقعت حكومة السوداني في شباط/ فبرايى الفائت، على 6 عقود لتطوير حقول النفط والغاز الحدودية مع شركات صينية وإماراتية، وفي هذا السياق قال السوداني إن “بلاده عازمة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الغاز في غضون ثلاثة أعوام، في ظل انقطاع مستمر في الكهرباء، واضطراب في الإمدادات”. و أضاف: «التوجه نحو استثمار الغاز المصاحب والغاز الطبيعي، نابع من قناعة راسخة، لتحقيق الإصلاحات الاقتصادية التي تشكل محوراً أساسياً في البرنامج الحكومي»، موضحاً: «دخول العراق إلى سوق الغاز العالمية سيتم تنفيذه، ولا يمكن الاستمرار بحرق الغاز».
وعلى الرغم من أن حكومة السوداني لم يمض على تشكيلها سوى بضعة أشهر إلا إنها سجلت بصمة واضحة في مجال السياسة الخارجية، وعلى مستويين، الأول هو الحضور الملموس في مختلف المحافل الدولية، وتوسيع آفاق العلاقات بقوى إقليمية ودولية متعددة، والثاني تطويق المشكلات والأزمات والخلافات بين أطراف متخاصمة، عبر تهيئة الأجواء والظروف المناسبة لحوارات بناءة.
فكلما كانت البيئة الداخلية العراقية مستقرة، كلما مكنت محمد شياع السوداني في أن يعزز المسارات الصائبة ويصحح المسارات الخاطئة، لا على صعيد الملفات الداخلية الأمنية والخدمية والمالية فحسب، بل على صعيد الملفات الخارجية، التي لا تبتعد في كثير من محطاتها ومنعطفاتها عن الداخلية.
يسعى محمد شياع السوداني بما يمتلكه من حس وطني العمل على إعادة بناء العراق ، وهو يدرك أن هذا الطريق فيه الكثير من التحديات والمصاعب، الأمر الذي يتطلب أن تقف من القوى السياسية العراقية الوطنية إلى جانبه، وليس خلق العراقيل الداخلية بمختلف أشكالها من قبل البعض لتعطيله وتعطيل العراق.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية