بقلم دميترو غورشكوف مع تيبو مارشان في كييف
وافق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة على أن ترسل الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعثة إلى محطة زابوريجيا النووية الأوكرانية، الأكبر في أوروبا، معبراً عن خشيته من أن يؤدي القصف على المحطة إلى “كارثة واسعة النطاق”.
تزامناً طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش روسيا الجمعة خلال زيارة إلى أوكرانيا بعدم قطع محطة زابوريجيا التي تسيطر عليها في جنوب البلاد، عن شبكة الكهرباء الأوكرانية، في وقت تتبادل كييف وموسكو التهم بقصف الموقع.
وفي وقت سابق الجمعة، قالت الشركة المشغّلة للمحطات الأوكرانية “إينيرغواتوم” إنها تخشى مثل هذا السيناريو، مؤكدةً أن الجنود الروس يبحثون عن إمدادات لمولّدات تعمل بالديزل ستُستخدم بعد وقف تشغيل المفاعل وقد فرضوا قيودًا على وصول الموظفين إلى الموقع.
وقال غوتيريش خلال مؤتمر صحافي على هامش زيارة إلى ميناء أوديسا الأوكراني على البحر الأسود، إن “الكهرباء في زابوريجيا هي كهرباء أوكرانية بالطبع، ويجب احترام هذا المبدأ”.
– إرسال بعثة في أسرع وقت –
وحذر بوتين خلال اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون على أن “القصف المنهجي لمنطقة محطة زابوريجيا للطاقة النووية يثير مخاطر وقوع كارثة واسعة النطاق يمكن أن تؤدي إلى تلوث إشعاعي في مناطق شاسعة”.
وشدّد الرئيسان على “أهمية إرسال بعثة تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى المحطة النووية في أسرع وقت، لتقييم الوضع على الأرض”، وفق ما أكد الكرملين لافتاً إلى أن “الجانب الروسي أكد استعداده لتقديم كل الدعم اللازم لمفتشي الوكالة”.
ووافق الرئيس الروسي على أن تمر البعثة عبر أوكرانيا وليس عبر روسيا كما كان اشترط في السابق، وفق ما أعلن قصر الإليزيه.
ورحب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي في بيان مساء الجمعة “بالتصريحات الأخيرة التي تشير إلى أن أوكرانيا وروسيا تدعمان هدف الوكالة الدولية للطاقة الذرية المتمثل بإرسال بعثة” إلى محطة زابوريجيا.
وأضاف البيان أن الوكالة “تجري مشاورات نشطة مع جميع الأطراف” لإرسال فريق “في أسرع وقت ممكن، سيقوده” غروسي “بنفسه”.
وشدد غروسي على أن “في هذا الوضع المتقلب والهش جداً، من المهم عدم اتخاذ أي إجراء آخر يمكن أن يعرض سلامة وأمن واحدة من أكبر محطات الطاقة النووية في العالم للخطر”.
ومساء اعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن “استعادة الأمن بشكل كامل” في هذا الموقع “يمكن أن يبدأ بعد أن تبدأ البعثة عملها”.
إلى ذلك قال مصدر دبلوماسي لوكالة فرانس برس الجمعة إن الغربيين قلقون خصوصاً بشأن الحفاظ على التبريد بواسطة المياه في المفاعلات النووية، أكثر من تأثير ضربة على المحطة “المبنية لمقاومة أسوأ” التأثيرات.
واعتبر غوتيريش الخميس خلال زيارة إلى مدينة لفيف في غرب أوكرانيا حيث التقى زيلينسكي والرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن “إلحاق أي ضرر بمحطة زابوريجيا سيكون بمثابة انتحار” داعيًا مرةً جديدة إلى جعل المحطة التي يحتلّها الجيش الروسي منطقة “منزوعة السلاح”.
وفي رسالته اليومية مساء الجمعة قال زيلينسكي إن “هذا الصيف سيسجل في تاريخ العديد من الدول الأوروبية على أنه واحد من الأكثر مأسوية على الإطلاق”.
وتابع “لا توجد تعليمات في أي محطة للطاقة النووية في العالم تنص على إجراء (يتّبع) في حال حوّلت دولة إرهابية محطة للطاقة النووية إلى هدف”.
ودعا وزير خارجية الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل الجمعة الروس إلى “الانسحاب” من الموقع و”إعادة السيطرة الكاملة على الفور إلى المالك الشرعي، أوكرانيا”. وندد ماكرون من جهته بـ “الهجوم العنيف” على أوكرانيا الذي بدأ في 24 شباط/فبراير.
– تعليق شحنات الغاز مرة أخرى –
وتناول غوتيريش خلال زيارته أيضاً تصدير الحبوب الأوكرانية وهو موضوع آخر يقلق المجتمع الدولي ويثير خشية حصول أزمة غذاء عالمية.
واستؤنف تصدير الحبوب الأوكرانية العالقة منذ بدء الغزو الروسي، بعد ابرام اتفاق بين موسكو وكييف برعاية الأمم المتحدة وتركيا في تموز/يوليو.
وأعلن غوتيريش الخميس أن الأمم المتحدة “ستكثّف” عمليات تصدير الحبوب الأوكرانية قبل حلول فصل الشتاء، إذ إن الأخيرة أصبحت ضرورية جدًا لإمداد دول إفريقية كثيرة بالأغذية.
وتطالب روسيا في المقابل برفع العوائق من أمام تصدير المنتجات الزراعية والأسمدة الروسية التي طالتها العقوبات الغربية.
وندد بوتين الجمعة خلال الاتصال مع ماكرون بـ”عقبات ما زالت قائمة أمام الصادرات الروسية”، وفق قوله.
في المقابل رفضت باريس اتهامات بوتين معتبرةً أنّ “هناك نية لدى الجانب الروسي لاستغلال هذه القضية سياسيا”.
إلى ذلك أعلنت شركة غازبروم الروسية العملاقة الجمعة تعليق شحنات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 1” لمدة ثلاثة أيام من 31 آب/اغسطس إلى 2 أيلول/سبتمبر بهدف “الصيانة”. ويزيد هذا القرار المخاوف من حدوث نقص في الطاقة في أوروبا حيث تُتهم موسكو بالابتزاز على هذا الصعيد.
– القوات الروسية لا تتقدّم –
وفي شأن العمليات العسكرية في أوكرانيا اعلنت وزارة الدفاع الاميركية الجمعة مساعدة عسكرية جديدة لاوكرانيا بقيمة 775 مليون دولار.
وأكدت مسؤولة كبيرة في البنتاغون للصحافيين أن القوات الأوكرانية تمكنت في الأسابيع الأخيرة من وقف تقدم القوات الروسية في جنوب وشرق البلاد.
وقالت “يمكنكم أن تلاحظوا عدم احراز الجانب الروسي أي تقدم في ساحة المعركة”.
واضافت “رغم ذلك، لم نشهد أي استعادة للأراضي من قبل القوات الأوكرانية. لكننا سجلنا ضعفا واضحا للمواقع الروسية في عدة أماكن”.
وفي الشرق، أدت عمليات قصف روسية إلى مقتل خمسة أشخاص وجرح عشرة آخرين في عدة مدن في دونيتسك الواقعة في منطقة دونباس، وفق ما أعلن حاكم المنطقة بافلو كيريلينكو.
واستهدفت عمليات قصف في وقت مبكر الجمعة خاركيف (شمال شرق)، ثاني مدن أوكرانيا، وأدت إلى مقتل شخص على الأقل، بحسب السلطات المحلية.
المصدر: © AFP
1994-2022 Agence France-Presse