الخرطوم (رويترز) –
أقر الرئيس السوداني المخلوع عمر حسن البشير بتلقيه ملايين الدولارات من السعودية، وذلك بحسب ما أبلغ به محقق من الشرطة محكمة يوم الاثنين في بداية محاكمة في قضايا فساد ظن كثير من السودانيين أنها لن تنعقد أبدا.
واستمع البشير إلى الشهادة دون تعليق، وكان جالسا في قفص معدني مرتديا الجلباب الأبيض والعمامة التقليديين في أول مثول له أمام محكمة بالخرطوم.
وكان علاء الدين عبد الله وكيل نيابة مكافحة الفساد والتحقيقات المالية قال في يونيو حزيران إن البشير متهم ”بحيازة المال الأجنبي واستلام هدايا بصورة غير رسمية“.
ورفض محاميه تلك الاتهامات وقال للصحفيين بعد الجلسة إن من الطبيعي أن يحوز الزعماء مبالغ من النقد الأجنبي.
وتحدث البشير ليؤكد اسمه وسنه. وعندما سئل عن مقر إقامته فقال ضاحكا ”سابقا حي المطار، مقر القيادة العامة. والآن سجن كوبر“.
ولم يرد مكتب الاتصال الحكومي السعودي بعد على طلب للتعليق بشأن شهادة المحقق.
وتمكن البشير من البقاء في الحكم وسط حركات تمرد وأزمات اقتصادية وعقوبات أمريكية ومحاولات انقلاب إلى أن أطاح به الجيش في أبريل نيسان بعد احتجاجات حاشدة على حكمه الذي استمر 30 عاما.
وتمثل محاكمة البشير اختبارا لمدى جدية السلطات السودانية في محاولة محو إرث حكمه الذي اتسم بعنف واسع النطاق وانهيار اقتصادي وانفصال جنوب السودان.
ووصل البشير، البالغ من العمر 75 عاما والذي استولى على السلطة في انقلاب عام 1989، إلى مقر المحكمة وسط حراسة مشددة من قوات الجيش والدعم السريع.
وهتف أفراد أسرته مرددين ”الله أكبر“ وحياهم من قفص المحكمة.
وسمحت السلطات لعدد صغير من أفراد أسرته بدخول القفص بعد الجلسة للتحدث معه. ومن المقرر عقد الجلسة المقبلة يوم السبت.
* أموال سعودية
شهد اللواء شرطة أحمد علي محمد عضو الفريق الذي يتولى التحقيق مع البشير بأن الرئيس السابق أبلغه بحصوله على 25 مليون دولار من ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان.
وعزا المحقق إلى البشير القول إن ابن سلمان أعطاه الأموال لإنفاقها خارج الميزانية السودانية وأنه أنفقها على العطايا والهبات والتبرعات والمنح دون أن يخوض في تفاصيل من حصل عليها.
وذكر مصدر قضائي وقت القبض على البشير أنه تم العثور على 351 ألف دولار وأكثر من ستة ملايين يورو فضلا عن خمسة ملايين جنيه سوداني في منزل البشير لدى اعتقاله.
وقال عضو فريق التحقيق إن البشير أبلغ المحققين بأنه حصل على 65 مليون دولار من العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز على مرتين.
وقال رئيس هيئة الدفاع أحمد إبراهيم ”لا توجد بيانات أو أدلة بخصوص تهمة الثراء الحرام الموجهة للبشير. أي شخص في وظيفة البشير أن يكون هناك لديه نقد أجنبي وكانت في غرفة ملحقة بمكتبه في السكن الرئاسي“.
ووجهت للبشير أيضا في شهر مايو أيار اتهامات بالتحريض على قتل المحتجين والضلوع فيه، ويريد المدعون كذلك استجوابه بشأن مزاعم غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ويواجه البشير كذلك اتهامات من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بتدبير إبادة جماعية في إقليم دارفور السوداني.
ووقع المجلس العسكري الحاكم الذي تولى السلطة في السودان بعد الإطاحة بالبشير اتفاقا يوم السبت لتقاسم السلطة مع تحالف المعارضة الرئيسي، مما يمهد السبيل أمام تشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات في نهاية المطاف.
وينص الاتفاق على إنشاء مجلس السيادة باعتباره أعلى سلطة في البلاد لكنه يفوض السلطات التنفيذية لمجلس الوزراء إلى حد بعيد.
*تأجيل الحكم الانتقالي
وكان من المقرر أن يؤدي أعضاء مجلس السيادة اليمين الدستورية اليوم الاثنين لكن المتحدث باسم المجلس العسكري الانتقالي الفريق شمس الدين الكباشي قال إن تشكيل المجلس الحاكم الجديد جرى تأجيله 48 ساعة بناء على طلب من ائتلاف المعارضة المعروف باسم قوي الحرية والتغيير.
وقال مصدر بالائتلاف إن تحالف قوي الحرية والتغيير اختار عائشة موسى وصديق تاور ومحمد الفكي سليمان وحسن شيخ إدريس وطه عثمان إسحاق ليمثلوه في المجلس.
لكن تجمع المهنيين السودانيين، الذي يعد المنظم الرئيسي للاحتجاجات وأحد أهم مكونات التحالف، قال يوم الاثنين إن إسحاق رفض شغل المقعد.
ووفقا لاتفاق تقاسم السلطة، يتسنى لتحالف المعارضة اختيار خمسة أعضاء فيما يختار الجيش خمسة آخرين وينضم لهم مدني يتفق عليه الجانبان ليكون العضو الحادي عشر.
وقال الكباشي يوم السبت لقناة سكاي نيوز عربية إن رئيس المجلس العسكري الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو والفريق ياسر العطا هم ثلاثة من الأعضاء الذين اختارهم المجلس العسكري بموجب الاتفاق.
ويبقى للمجلس أن يعلن العضوين الآخرين، لكن الكباشي قال يوم الاثنين إن الجانبين اتفقا على اسم العضو الحادي عشر.
ويكتسب استقرار السودان، الذي لا يزال يسعى للخروج من أزمة اقتصادية، أهمية خاصة في منطقة مضطربة تموج بصراعات وحركات تمرد تمتد من القرن الأفريقي إلى مصر وليبيا.
LEAVE A COMMENT