أكد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الإثنين حتمية الثأر للعقيد في الحرس الثوري صياد خدائي الذي قضى اغتيالا بالرصاص الأحد في طهران، في أبرز استهداف لشخصية إيرانية على أراضي الجمهورية الإسلامية منذ 2020.
ونعى الحرس خودائي الأحد، معلنا مقتله بإطلاق نار من مسلَّحين على دراجة نارية قرب منزله في شرق العاصمة، مقدّما إياه كأحد “المدافعين عن المراقد المقدسة” (“مدافع حرم”)، وهي العبارة المستخدمة رسميا للإشارة الى أفراد الحرس الذين أدوا مهاما في نزاعي سوريا والعراق، حيث العديد من المراقد المقدسة لدى الشيعة.
وحمّل الحرس “الاستكبار العالمي”، وهي العبارة التي تستخدمها الجمهورية الإٍسلامية للإشارة الى الولايات المتحدة وحلفائها، وفي مقدمهم اسرائيل، مسؤولية هذه الجريمة “الإرهابية”.
وبعد ساعات على الاغتيال، أكدّ رئيسي أن الثأر لخدائي هو “أمر حتمي”.
وقال في مطار مهرآباد بطهران قبيل توجهه الى سلطنة عمان “ليس لدي شك في أن الانتقام لدماء هذا الشهيد العظيم من أيدي المجرمين أمر حتمي”، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء “مهر” الإيرانية بنسختها العربية.
وأضاف “لا شك أن يد الغطرسة العالمية لها علاقة بهذا الاغتيال”، مؤكدا “الملاحقة الجادة لمرتكبي هذه الجريمة من قبل المسؤولين الأمنيين”.
وأفاد التلفزيون الرسمي أن “مراسم وداع” ستقام لخدائي عند الساعة 17,00 (12,30 ت غ) بعد ظهر الإثنين في طهران. ولم يتم الاعلان رسميا بعد عن تاريخ ومكان مواراته الثرى.
– تحقيق في “الأبعاد” –
وكان الحرس أعلن الأحد أن خدائي “تعرّض الى جريمة اغتيال إرهابية” نفّذها شخصان كانا على دراجة نارية في شارع مجاهدي الإسلام في شرق طهران.
وأشار الحرس الى أن من يقف خلف العملية عناصر مرتبطون بـ”الاستكبار العالمي”، مؤكدا فتح تحقيق لتحديد هوية “المعتدي أو المعتدين”.
واليوم، أوضح المتحدث باسم هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الإيرانية أبو الفضل شكارجي أن “أبعاد هذا الاغتيال هي موضع تحقيق”، وفق ما نقلت عنه وسائل إعلام محلية.
ووصف الحرس والاعلام الرسمي خدائي بأنه “مدافع حرم”، فيما أفاد التلفزيون الرسمي أن خدائي “معروف في سوريا”، من دون تفاصيل.
وتؤكد طهران تواجد عناصر من قواتها المسلحة بصفة استشارية في كل من العراق لمواجهة العناصر “التكفيرية” خصوصا تنظيم الدولة الإسلامية، وفي سوريا لمساندة قوات الرئيس بشار الأسد في مواجهة المجموعات المسلحة في النزاع الدائر في بلاده منذ 2011.
وقال رئيسي بهذا الصدد إن “الذين خسروا في ساحة (المعركة) أمام مدافعي الحرم يظهرون بذلك يأسهم”.
واغتيل خدائي بخمس طلقات قرابة الساعة 16,00 (11,30 ت غ) لدى عودته الى منزله، وفق ما أفادت الأحد وكالة “إرنا” الرسمية للأنباء.
ونشرت الوكالة أمس صورا تظهر شخصا مضرّجا بالدماء وقد انحنى رأسه الى الأسفل، وهو جالس الى مقعد السائق في سيارة بيضاء اللون. وبدا زجاج نافذة مقعد الراكب الأمامي محطما.
من جهتها، أفادت وكالة “تسنيم” أن خدائي كان “على مقربة من منزله” لدى تعرضه للاغتيال، مشيرة الى أن “زوجته كانت أول من عثر على جثته”.
وأمر المدّعي العام في طهران بـ”الاسراع في تحديد وتوقيف منفذّي هذا العمل الاجرامي”، وفق وكالة “فارس”.
ويعدّ مقتل خدائي أبرز عملية استهداف مباشر داخل إيران منذ اغتيال العالم النووي فخري زاده في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2020.
وقُدم فخري زاده بعد وفاته على أنه نائب وزير الدفاع ورئيس إدارة منظمة الأبحاث والإبداع في الوزارة، وشارك خصوصاً في “الدفاع الذري” للبلاد.
ويأتي مقتل خدائي في وقت تُبذل جهود دبلوماسية لكسر الجمود الحاصل في مباحثات إحياء الاتفاق بشأن برنامج إيران النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة أحاديا عام 2018 في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب.
وأتاح الاتفاق المبرم عام 2015 رفع عقوبات كانت مفروضة على إيران، في مقابل تقييد برنامجها النووي. الا أن مفاعيله باتت في حكم الملغاة منذ انسحاب واشنطن منه وإعادة فرضها عقوبات قاسية على طهران، ما دفع الأخيرة للتراجع عن التزامات بموجبه.
وسعيا لإعادة تفعيل هذا الاتفاق، بدأت إيران والقوى الكبرى في نيسان/أبريل 2021 مباحثات شاركت فيها الولايات المتحدة بشكل غير مباشر.
وعلّقت المباحثات رسميا في آذار/مارس، مع تأكيد المعنيين أن التفاهم بات شبه منجز، لكن مع تبقّي نقاط تباين بين واشنطن وطهران، أبرزها طلب الأخيرة شطب اسم الحرس الثوري من القائمة الأميركية للمنظمات “الإرهابية” الأجنبية.
المصدر: © AFP
1994-2022 Agence France-Presse