بالتزامن مع اندلاع الجدل المحتدم حول مراسيم حفل افتتاح بطولة غرب آسيا بكرة القدم في مدينة كربلاء (6 آب أغسطس الجاري)، هاجم ممثل الولي الفقيه بمدينة قم الإيرانية، اللبناني “أسد قصير”، إدارة العتبة الحسينية، بذريعة رعايتها مؤتمرا لدعم وترسيخ مبادئ “الدولة المدنية” في العراق، والتي اعتبرها مشروعا غربيا يراد منه “تحويل كربلاء الى مرقص، وشوارع بغداد الى مرتع للفسق والفجور”، مستهجنا قبول بعض رجال الدين الشيعة بها، أو نقلهم عن المرجع الديني الأعلى في النجف السيد السيستاني ذلك.
وفي الوقت الذي رصدت فيه “العالم الجديد”، كما هائلا من ردود الأفعال المضادة لهذه التصريحات، تعيد نشر مقابلة صحفية أجراها أحد أبرز فضلاء الحوزة العلمية، السيد منير الخباز لصالح أحد المواقع البارزة حول رؤية السيد السيستاني لـ”الدولة المدنية” التي زعم “قصير” أن يكون قد أقر بها المرجع الاعلى في العراق.
ويقول منبر الخباز في حديثه الذي نشر في 21 نيسان أبريل 2018 إن “السيد السيستاني يرى بأن الدولة المدنية هي الحل الوحيد لتأمين حاجات المجتمع الإسلامي الذي يضم أقليات من الديانات الأخرى كالمسيحية والايزيدية والصابئية، فضلا عن المذاهب الإسلامية المختلفة، بهدف أن يأخذ كل دين ومذهب حريته في ممارسة طقوسه وشعائره، لاسيما أن الشيعة وفي إطار جسم المجتمع الاسلامي العام، يعدّون أقلية، وإن كانوا أكثرية داخل العراق”.
ويوضح الخباز أن “الدولة المدنية تقوم على صناديق الاقتراع والتمييز بين السلطات الثلاث، وفيما لم نركز على إقامة الدولة المدنية في العراق، فاننا لن نستطيع أن نوفر الحرية لأصحاب الأديان والمذاهب المختلفة بما فيهم المذهب الشيعي، إذ أن الإصرار على الدولة الدينية سيخلق صراعا عنيفا يبقى ويستمر مئات السنين، ولأجل ذلك يدعو السيد السيستاني إلى التركيز على الدولة المدنية وهذه سابقة لم يدعُ إليها مرجع أو عالم من الشيعة بهذا الوضوح”.
ويتابع أن “الملمح الأخير للمسار السياسي والقيادي للسيد السيستاني هو لغة العمل، فهو دائما ما يؤكد على ضرورة العمل أكثر من القول، إذ يطلب المجتمع الإسلامي منا عملاً لا قولاً، وعندما دخل عليه كثير من قادة الأحزاب السياسي وتحدثوا معه عن الوحدة بين الشيعة والسنة وعن الوحدة بين أبناء الشعب العراقي، قال لهم بكلمة واضحة أنا لا أمارس الوحدة قولا وإنما أمارسها عملا؛ فمكتب السيد السيستاني هو الذي احتضن اللاجئين الايزيديين والصابئة والمسيحيين، واحتضن اللاجئين من السنة، ووفر لهم السكن والراتب والطعام والشراب، وبعث معتمديه إلى جبهات القتال لمشاركة الناس ومشاركة العشائر الشيعية والسنية في القتال”.
ويواصل الخباز “السيد السيستاني، وفي فتواه للجهاد الكفائي وخلال وصاياه للمقاتلين، ركز على المواطن والمواطنة، لا على العناوين الدينية والمذهبية، فهو قد مارس الوحدة عملا أكثر مما مارسها قولا، وبذلك خلق جوا من التآلف والتلاقي بحكمته وبخطواته العملية المدروسة”.
وحول دور العلماء ووظائفهم بالدولة المدنية، يوضح بأن “السيد السيستاني يطرح الدولة المدنية من المنطلق السياسي والاجتماعي، لا لأنها الدولة الشرعية الإلهية، ولكن كحل اجتماعي سياسي حتى يعيش الناس بأمان وسلام ويمارس كل دين حريته وطقوسه وحقوقه”.
ويضيف أن “السيد السيستاني دائما ما يركز على أن العمامة يجب أن تبتعد عن الحكم والسياسة، وعن الدخول في الأحزاب وممارسة الوظائف الحكومية، حتى يحتفظ رجل الدين بنزاهته ووثاقته وموقعه في النفوس ويظل رمزا روحيا وليس رمزا سياسيا خاضعا للنزاع والجدال والتنافس والتزاحم؛ فلكي يحافظ رجل الدين على موقعه الروحي الذي يتسم بالنزاهة والمحبة، عليه الابتعاد عن الدخول في دهاليز الأحزاب والسياسة والوظائف الحكومية، إذن دور العلماء في الدولة المدنية هو النصيحة والإرشاد وليس التدخل، ولذا نرى بأن السيد السيستاني يبتعد عن الدخول في التفاصيل، بل يتركها لأهل الاختصاص في الحكومة، كل بحسب موقعه”.
*صحيفة إليكترونية عراقية والتقرير مأخوذ عنها
LEAVE A COMMENT