بقلم جوريس فيوريتي، جوشوا ميلفين في كييف
يدخل النزاع في أوكرانيا الأحد شهره الثالث بينما يبدو أن الدعوات إلى هدنة في أوكرانيا بمناسبة عطلة عيد الفصح في المناطق الأرثوذكسية لن تلقى آذانا صاغية لا سيما في ماريوبول، بسبب حوار الطرشان المستمر بين كييف وموسكو.
ف”المرحلة الثانية من العملية الخاصة” التي أطلقتها موسكو بدأت هذا الأسبوع. وقال مسؤول عسكري روسي كبير الجمعة إن “أحد أهداف الجيش الروسي هو بسط السيطرة الكاملة على دونباس وجنوب أوكرانيا”.
وتحتل القوات الروسية التي انسحبت من كييف والمنطقة الشمالية وأوكرانيا في نهاية آذار/مارس حتى الآن جزءا كبيرا من شرق البلاد وجنوبها. وقال الجنرال روستام مينكاييف نائب قائد القوات في المنطقة العسكرية لوسط روسيا إن الأمر بات يتعلق ب”تأمين ممر بري” إلى شبه جزيرة القرم وآخر يؤدي إلى ترانسدنيستريا المنطقة المولدافية الموالية لروسيا والتي تضم حامية روسية.
وللمرة الأولى اعترفت روسيا بخسائرها في غرق سفينة قيادة أسطولها في البحر الأسود “موسكفا” في 14 نيسان/أبريل. وقالت وزارة الدفاع الروسية إن بحارا واحدا قتل وفقد 27 آخرون.
واعتبر غرق “موسكفا” ضربة كبيرة لروسيا وطالب كثر بينهم معلقون مؤيدون للكرملين بتوضيحات. وتقول موسكو إن السفينة غرقت بسبب انفجار للذخيرة على متنها وسوء الأحوال الجوية التي أعاقت عمليات القطر. لكن أوكرانيا تقول إنها أغرقت الطراد بالصواريخ.
من جهتها، تواصل السلطات الأوكرانية التي حصلت على مزيد من الأسلحة كمساعدة من الغرب في الأيام الأخيرة، تأكيد قدرتها على إخراج الجيش الروسي من أراضيها. لكنها تطالب أيضا بهدنة في عيد الفصح.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عبر عن غضبه “لرفض” موسكو ذلك الخميس. واتهم الرئيس الأوكراني مساء الجمعة روسيا ب”جلب الموت لأوكرانيا”. وقال “الموت لا يملك أي فرصة للانتصار على الحياة وكل مسيحي يعرف ذلك”.
وأضاف زيلينسكي أن “هناك حاجة إلى وقف إنساني (للقتال) من أجل إجلاء آمن لآلاف المدنيين الراغبين في مغادرة مناطق الأعمال العدائية الخطيرة الجارية والمحتملة لا سيما من ماريوبول التي طالت معاناتها” وسقط فيها آلاف القتلى على الأرجح، كما ذكرت وزارة الخارجية الأوكرانية مساء الجمعة على موقعها الالكتروني.
– “هجوم مضاد” –
ويضاف هذا الطلب إلى آخر قدمه رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال في اتصال هاتفي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتأمين ممرات إنسانية في ماريوبول الميناء الاستراتيجي الواقع في جنوب شرق أوكرانيا ودمر إلى حد كبير بسبب أسابيع من القصف واصبح تحت سيطرة روسيا بأكمله تقريبا.
وكتب ميشال الذي يمثل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في تغريدة على تويتر “اتصال مع الرئيس بوتين. الممرات الإنسانية في ماريوبول والمدن المحاصرة الأخرى يجب أن تكون فورية خصوصا بمناسبة عيد الفصح الأرثوذكسي” الأحد 24 نيسان/أبريل.
من جهته، أكد الكرملين بعد هذه المحادثة أن كييف ترفض استسلام آخر جنودها الأوكرانيين الموجودين في منطقة آزوفستال الصناعية، بينما أعلن الجيش الروسي استعداده لتطبيق هدنة “في أي وقت” في “كل” الموقع أو “في جزء منه” للسماح بإجلاء المدنيين واستسلام المقاتلين.
ونقل الكرملين في بيان عن بوتين قوله إن “حياة جميع الجنود الأوكرانيين والمقاتلين الوطنيين والمرتزقة الأجانب مضمونة إذا ألقوا أسلحتهم (…) لكن نظام كييف لا يسمح بهذا الإمكانية”.
وأكدت موسكو الخميس أنها “حررت” ماريوبول. وردت كييف الجمعة أن المقاتلين الأوكرانيين “صامدون” في مصنع آزوفستال حيث يتحصن مدنيون أيضا.
وأمر الرئيس بوتين بفرض حصار على هذا المجمع الهائل للصناعات المعدنية من دون اقتحامه.
ووعد أوليكسيتش أريستوفيتش مستشار الرئيس الأوكراني مساء الجمعة بـ “هجوم مضاد” بنسبة “101٪” لاستعادة ماريوبول بمجرد أن تقرر هيئة الأركان العامة ذلك حسب وسائل الإعلام الأوكرانية.
من جهته، قال حاكم المنطقة بافلو كيريلينكو لوكالة فرانس برس قبيل ذلك إن “نجاح الهجوم الروسي في الجنوب يعتمد على مصير ماريوبول”.
وتحدثت الأمم المتحدة الجمعة عن سلسلة من الأعمال قام بها الجيش الروسي و”قد ترقى إلى جرائم الحرب”. ونشرت شركة “ماكسار تكنولوجيز الأميركية” صورا التقطتها أقمار اصطناعية تكشف على حد قولها “وجود مقبرة ثانية تم توسيعها الشهر الماضي” الواقعة في فينوهرادني على بعد حوالي 12 كلم عن ماريوبول.
وكانت حفر جماعية اكتشفت مؤخرا في في مانوش (غرب ماريوبول).
– صمت صفارات الإنذار –
يبدو أن بعض الهدوء ساد ليل الجمعة السبت. فعلى غير العادة لم تتحدث القنوات الإعلامية الأوكرانية عن إطلاق صفارات إنذار بغارات جوية ليلا على أراضي البلاد.
وألغي عدد كبير من الممرات الإنسانية في ماريوبول في اللحظة الأخيرة بينما تبادلت موسكو وكييف الاتهامات بشأن المسؤولية عن ذلك. لكن نائبة رئيس الوزراء الأوكراني كتبت مساء الجمعة على تلغرام أن هناك “فرصة” لفتح ممر إنساني في اليوم التالي، معربة عن أسفها “لفشل المحاولات العديدة”.
ودان الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش الثلاثاء الهجوم الروسي الجديد وطالب الجانبين بوقف القتال من أجل “استراحة إنسانية” لمدة أربعة أيام بمناسبة عيد الفصح الأرثوذكسي. وسيتوجه غوتيريش إلى موسكو الثلاثاء للقاء بوتين، ثم إلى كييف للقاء زيلينسكي.
وفي مبادرة سلام أخرى تقدمت بها الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية التابعة لبطريركية موسكو. فقد أكد المطران اونوفريوس أنها “مستعدة لتنظيم موكب” من أجل “تقديم مساعدة عاجلة وإجلاء المدنيين” و”العسكريين الجرحى”.
وقال المتروبوليت أونوفريوس في بيان نشر على الموقع الالكتروني للكنيسة “نتحدث إلى من يهمه الأمر ونطلب ضمان وقف إطلاق النار في ماريوبول وضواحيها بالإضافة إلى ممر إنساني لزياح صلاة الجمعة العظيمة في 22 نيسان/أبريل في عيد الفصح” الذي يحتفل به الأرثوذكس في 24 نيسان/أبريل.
ومنذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، نأت الكنيسة الأوكرانية التابعة لبطريركية موسكو عن بطريرك عموم روسيا كيريل الذي بارك الحرب. ودعا المتروبوليت أونوفريوس المؤمنين إلى دعم الجيش الأوكراني.
وسواء أعلنت هدنة أم لم تعلن، تتوقع العواصم نزاعا سيستمر.
وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الجمعة إن احتمال استمرار الحرب في أوكرانيا حتى نهاية 2023 “واقعي” بسبب تصميم روسيا على مواصلة هجومها “المروع”.
ودعت واشنطن الجمعة أربعين دولة حليفة إلى اجتماع في ألمانيا الثلاثاء المقبل لمناقشة الاحتياجات الأمنية لأوكرانيا على الأمد الطويل.
في موسكو وُضع المعارض الروسي فلاديمير كارا مورزا أحد أشد منتقدي الكرملين في الحبس الاحتياطي الجمعة حتى حزيران/يونيو في إطار تحقيق في “معلومات كاذبة” حول أنشطة الجيش في أوكرانيا، كما قال محاميه.
المصدر: © AFP
1994-2022 Agence France-Presse