بقلم إيزابيل لوباج
تدخل ألمانيا التي كانت قطب استقرار في عهد انغيلا ميركل، في مرحلة عدم يقين نسبي مع مداولات صعبة متوقعة لتشكيل الحكومة المقبلة إثر الانتخابات التشريعية ما قد يبعدها عن الساحة الدولية لأشهر.
وأظهرت أولى النتائج الرسمية الموقتة التي نشرت صباح الاثنين على موقع اللجنة الانتخابية حصول الحزب الاشتراكي الديموقراطي بزعامة أولاف شولتس على 25,7% من الأصوات متقدّمًا بفارق ضئيل على المسيحيّين الديموقراطيّين المحافظين بقيادة أرمين لاشيت الذين حصلوا على 24,1% من الأصوات، وهي أدنى نسبة لهم.
ولم يسبق للمحافظين أن سجلوا نسبة تقل عن 30 %. ويشكل ذلك انتكاسة قوية لمعسكر المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في وقت تستعد فيه للانسحاب من الحياة السياسية.
وتكمن المشكلة في أن كل من المعسكرين يدعي أنه سيشكل الحكومة المقبلة وينوي كل منهما إيجاد غالبية في البرلمان.
ومارس أولاف شولتس صباح الإثنين ضغوطا على المحافظين من خلال تأكيده ضرورة انضمامهم إلى صفوف المعارضة.
وأضاف أن “الاتحاد المسيحي الديموقراطي والاتحاد المسيحي الاشتراكي (البافاري) لم يخسروا الأصوات فحسب، لكنهما تلقوا في الواقع رسالة المواطنين مفادها أنه لا ينبغي أن يكونوا في الحكومة بل في المعارضة” ،بينما تجتمع في برلين قيادات الأحزاب المختلفة المحتمل دخولها في تحالف مستقبلي.
ويفترض أن تصدر عن الأحزاب المختلفة التي قد تدخل في ائتلاف مقبل، مؤشرات حول تحالفاتها المحتملة اعتبارا من صباح الاثنين إثر اجتماعات في برلين.
لكن ذلك لا يحسم النتيجة، ففي ألمانيا لا يختار الناخبون مباشرة المستشار بل النواب ما أن تتشكل غالبية.
ويبدو التوصل إلى غالبية معقدا جدا هذه المرة لأنها ينبغي أن تشمل ثلاثة أحزاب وهو امر غير مسبوق منذ 1950 بسبب تشرذم الأصوات.
وذكرت مجلة “دير شبيغل”، “لعبة البوكر بدأت” مضيفة “بعد التصويت تبقى الاسئلة الرئيسية مفتوحة: من سيتولى منصب المستشار؟ ما طبيعة التحالف الذي سيحكم البلاد في المستقبل؟”.
بالنسبة للاشتراكيين-الديموقراطيين الأمور واضحة، إذ قال زعيمهم البالغ 63 عاما “من المؤكد أن الكثير من المواطنين صوتوا لنا “لأنهم يريدون تغييرا في الحكومة، لأنهم يريدون أن يكون المستشار المقبل أولاف شولتس”.
وتكمن المشكلة في أن منافسه اليميني الوسطي ورغم نتيجته “المخيبة للآمال” ليس مستعدا للجلوس في مقاعد المعارضة.
– “قبل عيد الميلاد” –
عقب الانتخابات التشريعية السابقة في 2017، لم يتم التوصل إلى الائتلاف الحكومي الواسع الحالي إلا بعد ستة أشهر ما أدى إلى شلل سياسي في ألمانيا ولا سيما على صعيد القضايا الأوروبية.
لكن الحزب الاشتراكي-الديموقراطي واليمين الوسط أكدا أنهما يسعيان إلى بت أمر الحكومة قبل عيد الميلاد. ويبقى معرفة إن كانا سينجحان في ذلك.
وقال أولاف شولتس الاثنين أن ألمانيا “مستقرة” سياسيا رغم الشكوك المرتبطة بالمفاوضات الحساسة لتشكيل ائتلاف.
وقال وزير المال المنتهية ولايته “عليكم أن تعلموا بأن ألمانيا لطالما شكلت تحالفات ولطالما كانت مستقرة”.
وأكد لاشيت قبل ذلك “ستتولى ألمانيا رئاسة مجموعة السبع في 2022 لذا ينبغي التوصل إلى تشكيل حكومة بسرعة كبيرة”.
وتقلق فترة جمود طويلة الشركاء الأوروبيين في وقت تخشى فيه اوروبا من تهميش جيوسياسي في وجه الخصومة بين الولايات المتحدة والصين وروسيا.
وهي تقلق خصوصا فرنسا التي ستتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي الدورية في كانون الثاني/يناير وتعتمد على شريكها المفضل لدفع أولوياتها في أوروبا أكثر “سيادة”.
قال سكرتير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون الاثنين إن فرنسا تأمل في أن يكون هناك مستشار ألماني “قوي” “قريبا”.
– “صناع ملوك” –
طوال المفاوضات لتشكيل ائتلاف، ستتولى ميركل تصريف الأعمال، من دون أن تتمكن من إطلاق مبادرات كبرى.
ويظهر استطلاع للرأي نشر نتائجه معهد يوغوف ليل الأحد الاثنين أن غالبية الناخبين تحبذ الخيار الأول. ويرى 43 % أن اولاف شولتس يجب أن يصبح مستشارا.
وسيكون ذلك رهنا بإرادة الحزبين الصغيرين الذين وصفتهما صحيفة “بيلد “الاثنين بأنهما “صناع ملوك”.
كذلك اعلن زعيم الليبراليين في الحزب الديموقراطي الحر كريستيان ليندنر الأحد أنه سيكون من “المستحسن” لحزبه وحزب الخضر “أن يتناقشا أولاً فيما بينهما” قبل أن يقرروا ما إذا كانا سيتحالفان مع المحافظين أو الاشتراكيين الديموقراطيين.
المصدر: © AFP
1994-2021 Agence France-Presse