دعا وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو في قطر مفاوضي حركة طالبان والحكومة الأفغانية إلى تسريع مفاوضات السلام، من دون أن تُعلن واشنطن أيّ اختراق سياسي قبيل بدء الانسحاب الأميركي من أفغانستان.
وقبل ساعات من لقاءات الدوحة، قُتل ثمانية أشخاص على الأقلّ وأصيب 31 بجروح في العاصمة الأفغانيّة كابول التي هزّتها سلسلة هجمات صاروخيّة حمّل مسؤولون في الحكومة الأفغانيّة طالبان مسؤوليّتها، لكنّ تنظيم الدولة الإسلاميّة المتطرّف هو مَن تبنّاها. وقد سقط بعض تلك الصواريخ قرب المنطقة الخضراء التي تضمّ سفارات ومقارّ شركات دوليّة.
والتقى بومبيو بشكل منفصل وفد الحكومة الأفغانيّة وفريق التفاوض التّابع لطالبان في فندق فخم بالعاصمة القطريّة، واستمرّ لقاؤه مع المتمرّدين أكثر من ساعة.
وقال بومبيو أثناء لقائه وفد الحكومة “أنا مهتمّ للغاية لسماع أفكاركم حول كيفيّة زيادة احتمالات التوصّل إلى نتيجة موفّقة”.
وقالت وزارة الخارجيّة الأميركيّة في بيان إثر المحادثات مع المتمرّدين، إنّ بومبيو “دعا إلى خفض كبير للعنف وحضَّ على تسريع المناقشات حول خريطة طريق سياسيّة ووقف دائم وشامل لإطلاق النّار”.
والتقى بومبيو كذلك أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وبحث معه في العلاقات الثنائيّة والمستجدّات الإقليميّة والدوليّة. وتُشكّل الدوحة المقرّ الدبلوماسي لطالبان في مفاوضاتها مع كابول وقبل ذلك مع الولايات المتّحدة.
وتطرّق بومبيو مع أمير قطر إلى الحاجة للوحدة بين دول الخليج من أجل مواجهة إيران.
ويختتم بومبيو جولته الأحد في السعوديّة، حيث من المقرّر أن يلتقي وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان، الحليف المقرّب للرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب.
ولم يُعلَن أيّ انفراج في المحادثات بين طالبان والحكومة الأفغانيّة قبل مغادرة بومبيو الذي توجّه إلى أبوظبي قبل الرياض في ختام جولة أوروبية شرق أوسطيّة استمرّت قرابة عشرة أيّام.
وقال عبد الله عبد الله، رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنيّة في أفغانستان، لوكالة فرانس برس، إنّ الحكومة وطالبان “قريبان جدًّا” من كسر الجمود في المحادثات المستمرّة منذ أيلول.
وأضاف خلال زيارة لتركيا “نحن قريبون جدًّا ونأمل أن ننجح في هذه المرحلة ونصل إلى القضايا الجوهريّة”، بما في ذلك الأمن.
– إنهاء الحروب –
كانت وزارة الدفاع الأميركيّة (البنتاغون) أعلنت الثلاثاء سحب نحو ألفي جندي أميركي إضافي من أفغانستان بحلول 15 كانون الثاني ، أي قبل خمسة أيّام من تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن.
وقد سرّعت بذلك البرنامج الزمني الذي وُضع بموجب الاتّفاق الموقّع في شباط الماضي بين واشنطن وطالبان وينصّ على انسحاب كامل للقوّات بحلول منتصف 2021. وبذلك سيصبح عديد القوات الأميركية في هذا البلد 2500 عسكري.
ووعد ترمب بوضع حدّ “لحروب الولايات المتّحدة التي لا نهاية لها” في الخارج، بما في ذلك التدخّل في أفغانستان وهو الأطول في تاريخ الولايات المتّحدة، وبدأ بعد اعتداءات 11 أيلول 2001.
لكنّ حلفاء واشنطن الأوروبّيين، وكذلك بعض الجمهوريّين، أبدوا قلقهم حيال هذا الانسحاب الذي يعتبره كثيرون سابقًا لأوانه.
ويرغب بايدن أيضًا في إنهاء الحرب في أفغانستان، وهي من القضايا القليلة جدًّا التي يبدو متّفقا مع ترامب بشأنها.
وقالت مصادر لفرانس برس الجمعة إنّ الجانبين التفاوضيّين توصّلا إلى اتّفاق حول بعض القضايا. ومن بين المسائل الشائكة تمسّك طالبان بالمذهب الحنفي للفقه الإسلامي السنّي، لكنّ المفاوضين الحكوميّين يقولون إنّ هذا الأمر يمكن أن يُستخدم للتمييز ضدّ فئات مسلمة أخرى.
وهناك موضوع آخر مثير للجدل يتمثّل في كيفية تنفيذ اتّفاق سلام بين الولايات المتّحدة وطالبان. وبدأت محادثات السلام في الدوحة بعد توقيع طالبان وواشنطن اتفاقًا في شباط لسحب جميع القوّات الأجنبيّة في مقابل ضمانات أمنيّة.
وعلى الرغم من المحادثات، تتصاعد أعمال العنف في أنحاء أفغانستان، حيث زادت طالبان هجماتها اليوميّة ضدّ قوّات الأمن الأفغانيّة.
وسقط 2400 جندي أميركي منذ 2001 جرّاء النزاع في أفغانستان والذي كلّف الولايات المتّحدة أكثر من ألف مليار دولار.
وقبل إعلان تنظيم الدولة الإسلامية تبنّيه هجوم السبت في كابول، حمّل المتحدث باسم وزارة الداخلية طارق عريان حركة طالبان المسؤوليّة، مشيرًا إلى أنّ “الإرهابيّين” أطلقوا 23 صاروخًا.
وقال “استنادًا إلى المعلومات الأوّليّة، استشهد ثمانية أشخاص وأصيب 31 آخرون”، لافتًا إلى أنّ الحصيلة النهائيّة قد تتغيّر.