تطرق ياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى الرسالة التي وجهها الرئيس التركي إلى نظيره المصري، عبدالفتاح السيسي عبر قنوات استخباراتية “لم تنقطع يوما” على حد تعبيره، لافتا إلى الطريقة التي تم التعامل معها من قبل الإعلاميين المصريين قبل السياسيين.
جاء ذلك في مقال نشره أقطاي على موقع قناة الجزيرة القطرية، وقال فيها: “يندرج الخلاف مع مصر ضمن المسائل العالقة التي تتعامل معها تركيا، أما موقف نظام السيسي المتحدث باسم مصر بخصوص ما يحدث في البحر الأبيض المتوسط لا يخلو من الغرابة. ومن خلال هذه الاتفاقيات، تسعى كل دولة لخدمة أكبر قدر من مصالحها باستثناء مصر، التي تشارك من خلال التنازل عن جزء كبير من حقوقها لصالح أطراف أخرى..”
وتابع قائلا: “بالنظر إلى السبب الذي يقف وراء إيقاع مصر لنفسها في هذا المأزق، من الواضح أن الوقوف ضد تركيا كان مغريا، وفيما يتعلق بهذه النقطة بالتحديد، بعث الزعيم التركي رجب طيب أردوغان رسالة إلى مصر أوضح فيها أن الخلافات المعروفة مع السيسي لا تحتم على مصر تبني مثل هذا الموقف، الذي من شأنه أن يضر بحقوق المصريين في البحر المتوسط، مشيرا إلى أنهم غير مجبورين على ذلك، وقد وصلت هذه الرسالة من خلال قنوات تواصل استخباراتية لم تنقطع يوما.. لا يعني وجود بعض الخلافات مع مصر انقطاع التواصل أو غياب التفاهم أو انعدام المكاسب المشتركة بين الدولتين في بعض المجالات، وهو ما ينطبق على نزاعات تركيا مع كل من روسيا وإيران والولايات المتحدة الأميركية، الذي لا يعني أنه لا تجمعها مصالح مشتركة واتفاقات تعاون ومبادلات تجارية”.
وأضاف: “كان لهذه الرسالة صدى، وكثر الجدال حولها في وسائل الإعلام الموالية للسيسي، وقد أوّلها بعض السياسيين على أنها علامة على أن تركيا عادت أخيرا لتقف في صف مصر، وأنها تحاول التودد إلى مصر، لدرجة البدء بتحضير قائمة بالمطالب لقبول العرض التركي.. في سؤاله عن هذا الموضوع، أجاب وزير الخارجية المصري، سامح شكري، ’الكلمات اللطيفة لا تكفي، إننا ننظر إلى الأفعال‘، وهو يقصد بذلك انسحاب تركيا من سوريا والعراق وليبيا، وعلى الرغم من أن هذه القضايا لا شأن لمصر بها؛ إلا أن هذه المطالب تعكس في الواقع مطالب الدول الممولة لها، وكانت هذه فرصة لطرحها”.
واستطرد أقطاي قائلا: “من فرط الحماس تجاه هذه الفكرة، بدأ ممثلو الوسط الإعلامي بتقديم شروطهم قبل السياسيين، التي تنطلق من موقف تركيا من مصر، على غرار المطالبة بتسليم المعارضين السياسيين، الذين فروا إلى تركيا، إلى النظام المصري، وإغلاق جميع القنوات التي أسسوها في إسطنبول؛ بل تمادى البعض منهم لدرجة المطالبة باعتذار الرئيس أردوغان من السيسي..”
وعن المقصود من الرسالة قال أقطاي: “على النقيض مما وقع تأويله، كان المقصود من رسالة أردوغان أن مصر تظن أنها بالوقوف ضد تركيا تستطيع إلحاق الضرر بمصالحها؛ لكنها في الحقيقة لا تضر سوى نفسها، ونحن نكن الاحترام للشعب المصري وتاريخه وهويته والقيم التي يمثلها.. إن الاتفاق المصري اليوناني يضر بمصلحة مصر بشكل واضح، ولا يضر بأي شكل من الأشكال بتركيا؛ لأنه لا يعنيها في شيء، ولا داعي لمثل هذه التصرفات اللاعقلانية من قبل الإدارة المصرية الحالية؛ لأنها بذلك يتضر شعبها وتاريخها وجيشها بشكل كبير، ومن الواضح أنها لا تسير وفق خطة سياسية موضوعة من قبلها، وإنما يحرّكها توجيهات خارجية، ناهيك عن أنه لا فائدة ترجى لتركيا من إقامتها علاقات مع نظام السيسي في الوقت الحالي لعدة أسباب من بينها غياب بيئة اقتصادية تشجع على الاستثمار”.
وخلص أقطاي في مقاله قائلا: “لا تتمتع مصر اليوم باستقلال حقيقي يسمح لها بممارسة سياستها الخاصة، ما يحرمها من الإرادة الحرة، التي تمنحها حق اختيار إنشاء علاقات مع تركيا تخدم مصالحها؛ لهذا السبب، يقحم السياسيون المصريون أنفسهم في مسائل أساؤوا فهمها خدمة لمصالح الداعمين لهم، وذلك من خلال المطالبة بتحقيق أجندات بعيدة كل البعد عن الشأن المصري، وهم بهذا الشكل يحاولون ترفيع مكانتهم لدى الأطراف المانحة، ويُعلنون بأمر من المحور الممول لهم عن طي صفحات مرحلة لم تبدأ بعد”.