يصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الخميس (6 آب 2020)، إلى بيروت بعد ثلاثة أيام على الانفجار الضخم الذي حول العاصمة اللبنانية إلى مدينة “منكوبة” في حال طوارئ، تسودها الفوضى والدمار.
وسيكون ماكرون أول رئيس دولة يزور لبنان بعد الكارثة التي وقعت الثلاثاء ليعاين وضعا “كارثيا” مع مقتل ما لا يقل عن 113 شخصا وإصابة أربعة آلاف بجروح وفق حصيلة لا تزال مؤقتة، فيما لا يزال العشرات في عداد المفقودين وبات مئات الآلاف فجأة بدون مأوى ولا موارد جراء الانفجار.
ويصل ماكرون عند الظهر (9,00 ت غ) إلى بيروت حيث سيزور موقع الكارثة ويلتقي المسؤولين اللبنانيين الرئيسيين قبل أن يعقد مؤتمرا صحافيا حوالى الساعة 18,30 (15,30 ت غ) ثم يعود إلى فرنسا.
وأرسلت عدة بلدان من ضمنها فرنسا فرق إغاثة ومعدات لمواجهة الحالة الطارئة بعد الانفجار الذي دمر المرفأ وقسما كبيرا من العاصمة وقالت السلطات اللبنانية إنه نتج عن حريق اندلع قرب مواد مخزنة شديدة الانفجار.
وقال محافظ بيروت مروان عبّود الأربعاء لوكالة فرانس برس “إنّه وضع كارثي لم تشهده بيروت في تاريخها”.
وأضاف “أعتقد أنّ هناك بين 250 و300 ألف شخص باتوا من دون منازل، لأنّ منازلهم أصبحت غير صالحة للسّكن”، مقدّراً كلفة الأضرار بما بين ثلاثة وخمسة مليارات دولار، في انتظار صدور التقارير النهائيّة عن المهندسين والخبراء. وأشار المحافظ إلى أنّ “نحو نصف بيروت تضرّر أو تدمّر”.
ولا يزال العشرات في عداد المفقودين بحسب الحكومة فيما تواصل فرق الإغاثة عمليات البحث على أمل العثور على ناجين.
– أزمة طحين –
ويُعتبر هذا الانفجار الأضخم في تاريخ لبنان الذي شهد عقودا من الاضرابات الشديدة.
ونجم الانفجار عن حريق اندلع في مستودع تخزن فيه منذ ست سنوات حوالى 2750 طنا من نيترات الأمونيوم “من دون أيّ تدابير للوقاية”، بحسب السلطات.
وطلبت الحكومة اللبنانيّة فرض إقامة جبريّة على كلّ المعنيّين بملفّ نيترات الأمونيوم، تزامناً مع فتح تحقيق في الواقعة.
وأتى الانفجار وسط أزمة اقتصاديّة خانقة لم يشهد لها لبنان مثيلاً في الحقبة الحديثة، تفاقمت مع انتشار فيروس كورونا المستجد الذي أدى إلى فرض الحجر لأكثر من ثلاثة اشهر على اللبنانيين.
كما وقعت الكارثة في ظل نقمة شعبيّة على كلّ الطبقة السياسيّة التي يتّهمها المواطنون بالعجز والفساد، فأججت غضباً متصاعداً تجلّى خصوصاً عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
وأبدت منظّمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) الأربعاء خشيتها من حصول “مشكلة في توفر الطحين” في لبنان “في الأجل القصير” بعدما أتى الانفجار على اهراءات قمح.
وبدا واضحاً أنّ الإهمال هو السبب الأول للانفجار، ما أثار غضب اللبنانيين الذين يتداولون على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ “علقوا_المشانق”، مطالبين بمحاسبة جميع المسؤولين.
وفي مقدّمة مدوية لبرنامجه التلفزيوني “صار الوقت” الذي تتابعه شريحة واسعة من اللبنانيين، قال الإعلامي المعروف مارسيل غانم مساء الثلاثاء “من رئيس الجمهورية (…) المفروض أن يقدّم الليلة استقالته، إلى رئيس الحكومة، إلى رئيس مجلس النواب، إلى النواب، إلى الوزراء.. كلكم يعني كلكم.. من كبيركم إلى صغيركم”.
وتعيش الجاليات اللبنانية عبر العالم حالة صدمة وهي تطالب بمحاسبة المسؤولين عن الكارثة.
ورأى المتخصص في الفلسفة واللاهوت الفرنسي اللبناني أنطوان فليفل أنّ “هذه المأساة دليل إضافي على انعدام كفاءة الطبقة السياسية التي حكمت لبنان منذ عدة عقود”.
من جهتها قالت المهندسة سيمونا سابا المقيمة في فرنسا منذ عشر سنوات “لا أرى ثغرة للهرب، إنّه سقوط إلى الجحيم”.
وقالت مصادر أمنية أن سلطات مرفأ بيروت والجمارك والأجهزة الأمنية كانت على علم بوجود مواد كيميائية خطيرة مخزنة في المرفأ، لكنها تتقاذف مسؤولية الملف.
وعلى إثر الانفجار، أعلنت المحكمة الخاصة بلبنان الاربعاء إرجاء إصدار حكمها في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري في 2005 “احتراما للعدد الكبير من الضحايا” و”بهدف احترام الحداد الوطني الذي اعلن في لبنان لثلاثة أيام”.