ملأ المتظاهرون شوارع لبنان غضباً من تقاعس الحكومة، وسط تدهور قيمة الليرة اللبنانية لتفقد ما يقرب من 70٪ من قيمتها. ويقول الناس هناك إنهم لا يستطيعون شراء اللوازم الأساسية بعد الضربة المزدوجة لانخفاض قيمة الليرة بجانب فيروس كورونا. من جانبه، طالب رئيس الوزراء اللبناني حسّان دياب بالهدوء، لكن هل يكفي هذا لوقف ليلة أخرى من الاحتجاجات؟
و استمرت في لبنان ولليوم الثالث على التوالي، المظاهرات المنددة بانهيار العملة المحلية وتفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية، مع تسجيل مواجهات بين المتظاهرين والقوى الأمنية. في المقابل، ندد رئيس الحكومة حسان دياب بما وصفه ب”مؤامرة” التلاعب بالليرة اللبنانية، معتبرا أنها “حملة مبرمجة تنظمها جهات معروفة”.
كما نظم متظاهرون آخرون لونوا وجوههم بالأبيض وارتدوا الأسود، مأتما رمزيا “لشعب” تصر الطبقة السياسية على “دفنه”، حسب ما قالت الناشطة باولا ربيز. مضيفة “أردنا إرسال رسالة قوية (..) لإحياء الحركة الثورية”.
وتجمع محتجون أيضا في مدينة صيدا وبلدة كفررمان (جنوب)، داعين إلى رحيل الطبقة السياسية بمكوناتها كافة. ومساء، قطع متظاهرون غاضبون طريقا رئيسيا يربط بيروت بالجنوب.
ويطالب العديد من المتظاهرين بإقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لاتهامهم إياه بالتواطؤ مع السلطة السياسية الحاكمة وبالتقصير في ظل تراجع قيمة العملة المحلية.
ومن المتوقع أن تلامس نسبة التضخم في لبنان خلال العام الحالي نسبة 50 بالمئة، بينما يعيش نحو 45 بالمئة من سكانه تحت خط الفقر وتعاني أكثر من 35 بالمئة من قوته العاملة من البطالة.
وفي طرابلس (شمال)، اعترض متظاهرون السبت مسار شاحنات كانت متجهة إلى سوريا، اشتبه في أنها تهرب مواد غذائية. وأطلق عناصر من الجيش أعيرة مطاطية لإفساح المجال أمام عبور الشاحنات.
“الشعب يموت جوعا”!
وقال متظاهر في طرابلس يبلغ 51 عاما “لست مضطرا لأن أموت جوعا مقابل أن يأكل غيري”. وتثير أعمال التهريب بين لبنان وسوريا جدلا واسعا، إذ يعرب لبنانيون عن الاستياء إزاء قصور السلطات عن ضبط الحدود.
وعلق متظاهر بأن “كيلوغراما واحدا من السكر يبلغ سعره أربعة آلاف ليرة”. وقال إن “الشعب يموت جوعا”.
وذكرت المديرية العامة للجمارك في بيان أن “هذه الشاحنات تنقل مساعدات من مادة السكر وغيرها لصالح الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي من ضمن برنامج الامم المتحدة الغذائي”.
وأكد برنامج الأمم المتحدة الغذائي في بيان صدر مساء أن 39 شاحنة كانت متجهة إلى سوريا لنقل مساعدات إلى السكان الأكثر فقرا هناك.
آثار أزمة كورونا!
وفيما أدت الإجراءات المتخذة لمكافحة تفشي وباء كوفيد-19 إلى إغلاق العديد من المتاجر وتسريح عمال وموظفين، فإن من شأن هذه الأزمة أن تفاقم الأزمة الاقتصادية في لبنان، في وقت يتوقع أن ينكمش الناتج الإجمالي المحلي بنسبة 12 بالمئة.
وطلب لبنان المساعدة من صندوق النقد الدولي في نهاية أبريل/نيسان.
ويشهد لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود، تتزامن مع نقص في السيولة وتوقف المصارف عن تزويد المودعين بأموالهم، خاصة تلك المودعة بالدولار الأمريكي.