سليم سوزة*
اتابع الآن التصعيد الكبير الذي يجري في ساحات التظاهر العراقية بعد انتهاء مهلة الناصرية للحكومة. هناك أسئلة تدور في ذهني، أهمها كيف استطاعت الناصرية ان تفرض هيبتها على المحافظات الأخرى؟ فهي التي تلهب ساحات التظاهر في الاماكن الاخرى، بما فيها بغداد العاصمة، بعد ان كانت الاخيرة هي الموجّه والمحرك لاحتجاجات المدن الاخرى في السابق.
هذه المدينة ذات النسيج العشائري المتماسك تستجيب لأرثها التاريخي، ذلك الأرث الذي رعى الحركات اليسارية والقومية والاسلامية ووفر لها خزيناً هائلاً من الشباب الثوري. هي اليوم تعيد انتاج نفسها وأرثها التاريخي، لكن وفق معادلة جديدة تسحب البساط من النجف (عاصمة القرار الديني) ومن بغداد (عاصمة القرار السياسي) لتستحوذ على زمام الريادة والقيادة بنفسها. ما كل هذه الجرأة والاندفاع لدى شباب هذه المحافظة؟ ما السبب يا ترى؟ هل لأنها المحافظة الأسوأ في الخدمات مثلاً؟ ام ان نسيجها العشائري وطبيعة العلاقات الاجتماعية فيها يعطي لشبابها مزيداً من الحصانة تجاه انتقام السلطة وفصائلها المسلحة؟
ما أظهرته الناصرية اليوم كان أشبه ببطارية كبيرة شحنت أجواء التظاهر كلها وزودتها بالطاقة التي كانت على وشك ان تنتهي وتتحول معها ساحات التظاهر الى هايد باركات كرنفالية فقط. بل والملفت في ذلك كله، كيف استطاعت الناصرية ان تعوّض ما كان يراه البعض نقصاً واضحاً في حماسة المتظاهرين بعد انسحاب اغلبية الصدريين من الساحات وتفكيكهم لخيامهم تحضيراً لتظاهرات الصدر المليونية الجمعة القادمة؟
هل يمكن القول اليوم ان هذه التظاهرات الجديدة بعد انتهاء مهلة الناصرية قد فرزت بشكل قاطع بين المتظاهرين غير المتحزبين وبين متظاهري الصدر (اولئك الموجودون في الساحات منذ اليوم الأول للتظاهر ولو بعنوانهم العام غير الصدري)؟
*كاتب وباحث عراقي والكلمة من صفحته على الفيسبوك