هادي جلو مرعي
لم يأتوا برغبتنا ليغادروا برغبتنا. سيكون محرجا رغم ذلك للأمريكيين لو أن مجلس النواب العراقي أصدر قرارا يلزم واشنطن بسحب عديد قواتها ومعداتها من البلاد، وعلى الأقل فإن ذلك يعني رفع الغطاء القانوني والشرعي عن ذلك الوجود ليكون عرضة لأستهداف من أكثر من جهة محلية وخارجية.
مجلس النواب العراقي لن يكون بمعرض إصدار تشريع بإبعاد تلك القوات لأسباب عدة منها، إن المجلس لم يتلق أي نسخة من مشروع قانون يتضمن الإلزام بإخراج الأمريكيين، والمواد القانونية الخاصة بذلك من أي كتلة في البرلمان، وبالتالي فلا يمكن الحديث عن تشريع من هذا النوع لغياب المبادرة.
الأمر الأهم، والأكثر تأثيرا إن البرلمان العراقي منقسم سياسيا بين السنة والشيعة والكورد، وإذا كان الشيعة والكورد هللوا للدخول الأمريكي عام 2003 بينما حبس السنة انفاسهم حينها، فإنهم اليوم تحولوا الى رغبات مختلفة عن تلك التي كانت تعتمل نفوسهم عام 2003 فالكورد والسنة يبدون أكثر تمسكا بالبقاء الأمريكي، لأن الكورد يرون في الأمريكيين مثالا عن الجبل الذي كان صديقهم منذ القدم عند نزول المحن، وهو حماية لهم من سطوة العرب والفرس والترك، ورغم إن السنة مختلفون عن الكورد، لكنهم يرون في الوجود الأمريكي ضمانة لهم من تغول الشيعة عليهم.
بقي إن الشيعة غير المجمعين على هدف يحاولون الدفع بإتجاه موقف برلماني يجبر الأمريكيين على الرحيل، وهو مالايمكن توقع حصوله في هذه المرحلة التي تشهد إنقساما ونوايا متباينة ورغبات لاتلتقي ببعضها.
مجلس النواب بأعضائه سيكتفي بالإستعراض، وربما إدانة الغارة الأمريكية، ولكنهم لن يجرأوا على إدانة من قام بالغارة، وحمله على مغادرة العراق.