سيادة المواطن العراقي

د. هشام الهاشمي*

١-الأسباب العميقة تكمن في الاحتقان الذي تولد من خلال المظالم والإقصاء والتهميش وكبت الحريات، الأمر الذي أدى إلى تحطيم الثقة وجسورها بين النظام والمجتمع. كما كان للانحدار في المجال الاقتصادي وللفساد المالي والإداري.

٢-هناك عوامل عدة مساعدة منها تدهور مستوى التربية والتعليم المتوافر داخل المجتمع، وكذلك محاصصة القوات الأمنية والعسكرية والهيئات والمفوضيات الدستورية المستقلة، وتطور وعي المجتمع في تلقي الاخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي كان لبعضها دور مهم في ترشيد الاحتجاجات الشعبية وتوعيتها .

٣-اصبح لكلمة “نازل اخذ حقي” و” نريد وطن” و” التكتك” مدلولا خاصا في المعجم السياسي المتداول، واصبح لكلمة “جيل البوبجي” مفعولا قويا مشحونا بالدلالات العميقة التي ترمز إلى القدرة على صناعة الصمود وتجاوز جميع التهديدات التي تريد من الشباب الانهزام.

٤-خمسة أسابيع من الاحتجاجات الصادمة كافية لإعلان الشباب ان الشعب يريد الحياة، وتغيير سلوك نظام سياسي فاسد بأيدي حركة احتجاجية اجتماعية أطلق شرارتها شباب الفئات الفقيرة والعاطلين عن العمل والخريجين والمفسوخة عقودهم احتجاجا على القهر والظلم .

٥-لقد رفعت تظاهرات تشرين شعارات عديدة لكنها كل تدور حول معنى واحد هو “سيادة المواطن العراقي “، وأصرت عليه، وتطورت بسرعة كبيرة فصدمت الأحزاب السياسية المسيطرة على الحكم والتشريع وجلبت انتباه الرأي العام العربي والدولي، كما فاجأت ايران المتوافقة مع تلك أحزاب، فضلا عن الأحزاب الإسلامية العراقية التي لم يستوعب بعضها الصدمة، حتى الآن، ولم تنطلق عقدة لسانه الا بتهمة المتظاهرين بالعمالة والتخابر الإقليمية والدولي.

٦-لا أحد يمكن أن يتكهن بصورة هذه المساءلة يمكن أن تكون في صورة عزوف انتخابي، أو في صورة توترات اجتماعية أو في تبلور مجموعات تؤمن بسيادة المواطن بطريقة طهورية. وفي ظل قانون الانتخابات والدستور الحالي لا يمكن أن ننتظر أدوارا متقدمة للجيل الجديد وحتى للأحزاب السياسية الصغيرة.

٧-وإذا أضفنا إلى ذلك عرف المحاصصة السياسي فإن من الطبيعي أن تبدو المؤسسات الانتخابية فارغة من محتواها الحقيقي، خصوصا مع إصرار الأحزاب الكبيرة المسيطرة على الاستمرار في صناعة الحكومة العميقة والإدارات الموالية لها، ومدها بأسباب الحماية والبقاء وطرق الدعم المختلفة، وهي ظواهر سياسية هجينة تمثل إفرازا لطبيعة الفساد السلطوي السائد في العراق.

٨-ويبدو هذا واضحا في خطابات القيادات الحزبية البارزة أن هدفهم هو خدمة مشروعهم السياسي، لكن طبيعة الإصرار على بقاء سلوك النظام على ما هو عليه اليوم يحمل أضرارا بالغة الخطر على مستقبل الاستقرار والديمقراطية في العراق.

٩-إن كسب مطالب تظاهرات تشرين لا يمكن تحقيقه من دون طرح القضايا الكبرى لإصلاح النظام السياسي للنقاش مع جموع المتظاهرين في سياق تحقيق توافق بين جميع الفاعلين السياسيين (المطالبين والمستجيبين)، وعلى أساس إصلاح انتخابي ودستوري، والذي تحتل فيه الحكومة ورئيس الوزراء موقع السلطة التنفيذية الفعلية، بينما تحتفظ الأحزاب وقياداتها بموقعه كرمز لأحزابهم التي توالي الحكومة او تعارضها، وكضامن للحريات ومراقب للتشريعات والدستور، بما يضمن التوازن السياسي ويحقق العدالة والمهنية المطلوبة داخل المؤسسات، وازاحة اللوبيات والمكاتب الاقتصادية المتحكمة باقتصاد العراق.

*خبير سياسي وأمني والمقال من صفحته على الفيسبوك

Related Posts