الفساد والجيل الجديد الغاضب في العراق

بغداد- “رويترز”

كسرت الاضطرابات المدفوعة باستياء من المصاعب الاقتصادية والفساد المترسخ استقرارا نسبيا دام قرابة عامين في العراق الذي عانى في الفترة من 2003 إلى 2017 من احتلال أجنبي وحرب أهلية وتمرد تنظيم الدولة الإسلامية.

ويكافح العراق للانتعاش بعد سنوات من الصراع في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 وأطاح بحكم صدام حسين.

وعلى الرغم من الثروة النفطية الضخمة في البلد العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) فإن الكثير من العراقيين يعيشون في فقر أو لا يحصلون على ما يكفي من المياه النقية والكهرباء والرعاية الصحية والتعليم.

ومعظم المحتجين شبان يريدون في المقام الأول وظائف. ونحو 58 في المئة من أهل العراق دون 24 عاما أي أن أعمارهم لا تجعلهم يتذكرون حكم صدام، وهو ما يقلص شرعية المدعين بأنهم ساهموا في الإطاحة به.

وقال ريناد منصور من مؤسسة تشاتام هاوس البحثية في لندن ”المحتجون صغار في السن. هم من الطلبة والخريجين الذين لا يرون أن مستقبلا بانتظارهم. لا يعرفون العراق قبل عام 2003. لم يعد بوسع النخبة ذكر مقولة ’حررناكم من صدام‘ التي دأبوا على ترديدها“.

ويلقي عراقيون كثيرون باللوم على النخبة السياسية التي يقولون إن أفرادها خاضعون إما للولايات المتحدة أو لإيران، الحليفتين الرئيسيتين للعراق. ويقولون كذلك إن هاتين القوتين تستغلان العراق في صراعهما على النفوذ في المنطقة دون أن تكترثا باحتياجات المواطن العادي.

ورغم الإصلاحات الواعدة وإصداره أمرا بإجراء تعديل وزاري واسع، لم ينجح عبد المهدي في تهدئة المتظاهرين.

ودعا رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الذي يدعم أكبر كتلة برلمانية وساهم في وصول حكومة عبد المهدي الائتلافية إلى السلطة، يوم الاثنين لإجراء انتخابات مبكرة بعد إعلان حظر التجول في بغداد.

وردا على ذلك قال عبد المهدي يوم الثلاثاء إن ليس بوسعه منفردا الدعوة لانتخابات مبكرة وإن على البرلمان التصويت بغالبية كاسحة على أن يحل نفسه.

وقال عبد المهدي في رسالة إلى الصدر ”لا يكفي ذهاب رئيس مجلس الوزراء إلى البرلمان لإعلان الانتخابات المبكرة ليتحقق الأمر، بل هناك سياقات دستورية (المادة 64) يجب علي رئيس مجلس الوزراء الالتزام بها… هذا لن يتحقق إلا بتصويت مجلس النواب على حل المجلس بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه“.

وأضاف ”إذا كان هدف الانتخابات تغيير الحكومة فهناك طريق أكثر اختصارا وهو أن يتفق سماحتكم (الصدر) مع الأخ (الزعيم الشيعي هادي) العامري لتشكيل حكومة جديدة، وعندها يستطيع رئيس مجلس الوزراء تقديم استقالته واستلام الحكومة الجديدة مهامها خلال أيام إن لم نقل ساعات من تحقق هذا الاتفاق“.

وأقر البرلمان يوم الاثنين عددا من الإجراءات بهدف تهدئة المحتجين لكن كثيرين اعتبروها لا تكفي. ومن بين الإجراءات تقليص رواتب المسؤولين وتشكيل لجنة لإجراء تعديلات دستورية وحل جميع مجالس المحافظات والمجالس المحلية باستثناء إقليم كردستان شبه المستقل.

* مشكلات طائفية

يرى محللون ونشطون أن السبب الأساسي للمشكلات هو نظام تقاسم السلطة القائم على أساس طائفي والذي جرى إقراره في العراق بعد عام 2003.

وبعد الإطاحة بصدام، قسم عدد كبير من جماعات المعارضة العائدة من المنفى المناصب الحكومية فيما بينها بعد تفكيك نظام الخدمة المدنية تحت شعار ”اجتثاث البعثيين“ أو التخلص من رجال صدام.

وأدى ذلك إلى وجود شبكات نفوذ مترامية الأطراف، ليس فقط في إطار النخب السياسية الجديدة الحاكمة ذات الأغلبية الشيعية، لكن أيضا في كردستان. وفي بداية الأمر قاطعت النخب السنية، التي كانت لا تزال تترنح من أثر طردها من السلطة، هذه العملية لكنها انخرطت فيها في نهاية المطاف.

واستغلت كل هذه النخب المشكلات الطائفية والعرقية، وهو ما يرفضه العراقيون الآن، بما في ذلك الغالبية الشيعية التي تحكم منذ 16 عاما.

وقال منصور ”صارت الفجوة بين النخبة والناس أكثر وضوحا“.

 

Related Posts