رجل في الأخبار – قاسم سليماني.. جندي إيران الشهير ورأس حربتها في الشرق الأوسط

(رويترز) –

ساعد الميجر جنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، بلاده على خوض حروب بالوكالة عبر الشرق الأوسط بإلهام مقاتلي الفصائل في الميدان والتفاوض مع القادة السياسيين.

ويمثل مقتله يوم الجمعة في ضربة جوية أمريكية استهدفت موكبه في مطار بغداد نهاية رجل كان يشار إليه بالبنان في بلاده، وتراقبه عن كثب كل من الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية.

وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن الضربة كانت تستهدف ردع أي خطط إيرانية لشن هجمات في المستقبل.

كان سليماني مسؤولا عن عمليات سرية في الخارج وكثيرا ما كان يُشاهد في ميادين القتال وهو يوجه الجماعات الشيعية العراقية في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

لقي سليماني مصرعه ومعه القيادي العراقي أبو مهدي المهندس. ويعد الرجلان بطلين في معركة إيران ضد أعدائها وأهال التلفزيون الرسمي عليهما الثناء والمديح بمجرد إعلان مقتلهما.

وعرض التلفزيون لقطات له مع الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي وفي مناطق الحروب وهو يرتدي الزي العسكري كما عرضت له لقطات وهو شاب تخرج حديثا في المدرسة الثانوية ويقود وحدة خلال الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينيات القرن الماضي.

وسرعان ما صعد نجم سليماني في صفوف الحرس الثوري الإيراني ليصبح قائد فيلق القدس، وهو منصب ساعد من خلاله إيران على تشكيل تحالفات في الشرق الأوسط في وقت تعرضت فيه لضغوط نتيجة العقوبات الأمريكية التي ألحقت أضرارا جسيمة باقتصادها.

وصنفت الولايات المتحدة الحرس الثوري منظمة إرهابية أجنبية في 2019، في إطار حملة لممارسة أقصى الضغوط لإجبار إيران على التفاوض بشأن برنامجها للصواريخ الباليستية وسياستها النووية.

وكان لسليماني رد حاسم في هذا الشأن: أي مفاوضات مع الولايات المتحدة ستكون ”استسلاما كاملا“.

وحشد فيلق القدس الدعم للرئيس السوري بشار الأسد عندما بدا على وشك الهزيمة في الحرب الأهلية المستعرة منذ عام 2011 كما ساعد الفصائل المسلحة على هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق.

وبفضل نجاحات فيلق القدس، أصبح سليماني شخصية محورية في التمدد المطرد لنفوذ إيران في الشرق الأوسط، الأمر الذي وجدت الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل صعوبة في كبح جماحه.

وعين خامنئي سليماني قائدا لفيلق القدس في عام 1998، وهو منصب ظل فيه خلف الكواليس لسنوات بينما كان يعزز روابط إيران بحزب الله في لبنان وحكومة الأسد والفصائل الشيعية في العراق.

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، تنامت شهرته في الوقت الذي كان المقاتلون والقياديون في العراق وسوريا ينشرون صورا له في الميدان وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيها دوما بلحية مشذبة وشعر مصفف بعناية.

* ”نحن قريبون منك“

أصبح نفوذ سليماني داخل المؤسسة العسكرية الإيرانية جليا في 2019 عندما منحه خامنئي (وسام ذو الفقار)، وهو أعلى تكريم عسكري في إيران. وكانت هذه المرة الأولى التي يحصل فيها قائد عسكري على هذا الوسام منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في عام 1979.

وفي بيان بعد مقتل سليماني، قال خامنئي إن انتقاما عنيفا ينتظر ”المجرمين“ الذين قتلوه. وأضاف أنه رغم أن مقتل سليمان ”يشعرنا بالمرارة“ فإنه سيضاعف الحافز لمقاومة الولايات المتحدة وإسرائيل.

وقال مسؤول عراقي كبير سابق طلب عدم نشر اسمه في مقابلة أجريت عام 2014 ”سليماني… لم يكن رجلا يجلس على مكتب. بل يذهب إلى الجبهات لتفقد الجنود ويشهد المعارك“.

وأضاف ”لا يسبقه في تسلسل القيادة سوى الزعيم الأعلى. عندما يحتاج الأموال يحصل عليها وعندما يحتاج الذخيرة يحصل عليها وعندما يحتاج العتاد يحصل عليه“.

وكان سليماني مسؤولا أيضا عن عمليات جمع المعلومات والعمليات العسكرية السرية التي نفذها فيلق القدس وفي 2018 تحدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب علنا.

وقال في مقطع فيديو نشر على الإنترنت ”أقول لك يا سيد ترامب المقامر.. أقول لك.. اعلم أننا قريبون منك في مكان لا يخطر لك أننا فيه“.

* ”يحصل على ما يريد“

نشأ سليماني صاحب الصوت الخافت في أسرة بسيطة تعمل بالزراعة في بلدة رابور في جنوب شرق إيران حيث ولد في 11 مارس آذار 1957.

وفي الثالثة عشرة من عمره سافر إلى كرمان وعمل في مجال البناء لمساعدة والده على سداد ديونه وذلك وفقا لما قاله سليماني نفسه في تقرير نشر على موقع ديوا برس المتخصص في تاريخ الحرب الإيرانية العراقية التي استمرت ثماني سنوات.

وعندما أطاحت الثورة الإسلامية بالشاه في 1978 كان سليماني يعمل بدائرة المياه في بلدية كرمان ونظم مظاهرات احتجاج على الشاه.

وتطوع سليماني في الحرس الثوري بعد تفجر الحرب مع العراق عام 1980 وسرعان ما ترقى في صفوفه ثم شارك في محاربة مهربي المخدرات على الحدود مع أفغانستان.

قال مسؤول عراقي ثان ”سليماني مستمع رائع. فهو لا يفرض نفسه. لكنه يحصل على ما يريد على الدوام“.

وفي ذروة الحرب الأهلية بين المتشددين السنة والشيعة في العراق عام 2007 اتهم الجيش الأمريكي فيلق القدس بتزويد الفصائل الشيعية بعبوات ناسفة تسببت في مقتل العديد من الجنود الأمريكيين.

ولعب سليماني دورا محوريا في الأمن العراقي من خلال الفصائل المختلفة حتى أن الجنرال ديفيد بتريوس القائد العام للقوات الأمريكية في العراق في ذلك الوقت بعث برسائل إليه عن طريق مسؤولين عراقيين وفقا لما ورد في برقيات دبلوماسية نشرها موقع ويكيليكس.

وبعد الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان في شمال العراق أصدر سليماني تحذيرا للقيادات الكردية أدى إلى انسحاب مقاتلين من مواقع متنازع عليها وسمح لقوات الحكومة المركزية بتأكيد سلطتها.

ويقال إنه كان صاحب نفوذ أكبر في سوريا. وكانت زيارته لموسكو في صيف 2015 أول خطوة في التخطيط للتدخل العسكري الروسي الذي غير شكل الحرب السورية وصاغ تحالفا إيرانيا روسيا جديدا لدعم الأسد.

وجعله نشاطه هدفا متكررا لوزارة الخزانة الأمريكية إذ فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات بسبب دعم فيلق القدس لجماعة حزب الله اللبنانية وفصائل أخرى مسلحة ولدوره في الرد السوري العنيف على المحتجين وما تردد عن دوره في مؤامرة لاغتيال السفير السعودي في الولايات المتحدة.

ويقول تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز في 2018 إن كبار المسؤولين في المخابرات السعودية درسوا إمكانية اغتيال سليماني في 2017.

وقالت الصحيفة إن متحدثا حكوميا سعوديا امتنع عن التعليق لكن مسؤولين عسكريين إسرائيليين ناقشوا علنا إمكانية استهدافه.

Related Posts